الاســتــعـــاذة
> لون من ألوان الدعاء ، والدعاء هو الطلب سواء كان لجلب خير أو لدفع شر ، ولما كان الدعاء لا يجوز لغير الله تعالى لأنه هو العبادة . كانت الاستعاذة كذلك لأنها لون من ألوان العبادة .
ولا يصح الالتجاء إلا إلى الله سبحانه لأن غيره لا يملك مع الله شيئا ولا يستطيع أن يقدم في هذا الوجود أو يؤخر شيئا إلا بإذن الله عز وجل .
1ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
2ـ صيغة أخرى « أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه » (أبو دواد).
3ـ « أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم » .
1ـ همزه : الموتة : نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان ، فإذا أفاق عاد إلى عقله.
3 ـ نفثه : الشعر المذموم .
« أعوذ بالله » أي : ألتجئ وأعتصم به ، فالله سبحانه هو الملاذ وهو المعاذ ، فاللياذ : لطلب الخير ، والعياذ : للفرار من الشر .
> «الشيطان»: اسم: جنس يشمل الشيطان الأول الذي أُمر بالسجود لأبينا آدم عليه السلام فلم يسجد، ويشمل ذريته أيضاً وهو من «شطن» إذا بعد، لبعده من رحمة الله، فإن الله لعنه أي طرده وأبعده عن رحمته .
> «الرجيم» فعيل بمعنى: راجم، وبمعنى : مرجوم . فهو راجم لغيره بالإغواء ، فهو يؤز أهل المعاصي إلى المعاصي أزاً ، قال تعالى { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً}(مريم: 83) .
2ـ وهو مرجوم : بلعنة الله وطرده وإبعاده عن رحمته ، قال تعالى { قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}(الحجر : 43/53).
ليكون الشيطان بعيدا عن قلب المرء ، وهو يتلو كتاب الله حتى يحصل له بذلك تدبر القرآن وتفهم معانيه والانتفاع به .
هي الاستعاذة التي تحمل معاني الايمان باللّه والثقة به والاعتماد عليه قال تعالي: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } (سورة النحل: 99).
والاستعاذة لا تستقيم إلا مع الارتباط باللّه وتنفيذ أوامره لأنه اللّه عز وجل يتقبل في حماه أهل طاعته الذين يتوكلون عليه دون سواه.
مواطن الاستعاذة
1ـ عند قراءة القرآن : { فّإذّا قّرّأًتّ پًقٍرًآنّ فّاسًتّعٌذً بٌاللَّهٌ مٌنّ پشَّيًطّانٌ پرَّجٌيمٌ }النحل:98.
2ـ إذا قرأ بآية فيها ذكر النار أو توعد بالعذاب : قال القارئ أو المستمع «نعوذ بالله من سخط وعذابه» كقوله تعالى { نّارٍ پلَّهٌ پًمٍوقّدّةٍ (6) پَّتٌي تّطَّلٌعٍ عّلّى الأّفًئٌدّةٌ } (الهمزة :5 ، 6).
3ـ عند دخول المسجد ، كان يقول: «أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم» (أبو داود). 4ـ عند نزول المكان سواء في الصحراء أو البناء ... الدعاء « أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق » (مسلم) .
كلمات الله كلها تامات لا يعتريها نقص ولا عيب ، وهي مباركات يعيذ الله بها من إستعاذ بها .
5ـ الاستعاذة برضى الله وبمعافاته من كل موجبات العذاب ، كما كان يقول في سجوده « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك » (مسلم). 6ـ عند الغضب « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » (البخاري).
7ـ عند نباح الكلاب ، قال « إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله منهن فإنهن يرين مالا ترون» (أبو داود) 8ـ عند نهيق الحمار ، قال « وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنه رأى شيطانا » (البخاري ) . 9ـ عندما ينزغ الشيطان للإنسان ويوسوس له ، قال تعالى { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأعراف 200 .
10ـ عند دخول الخلاء « اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث » (متفق عليه).
11ـ من أذكار الصباح والمساء : قراءة المعوذتين « ثلاث مرات » ففيهما الاستعاذة من السحر والعين والحسد ...
12 ـ دبر كل صلاة قراءة المعوذتين ، الفجر والمغرب : ثلاثاً . وباقي الصلوات «مرة واحدة » ففيهما تكرر الاستعاذة من السحر والعين والحسد .
13ـ الاستعاذة من كل ما استعاذ منه النبي من « عذاب القبر والنار ، الجبن ، البخل، الهرم ، العجز ، الكسل ، جهد البلاء، درك الشقاء ، زوال النعمة ، عدم خشوع القلب ..». 14 - عند لبس الثوب : «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له » (أبو داود).
15 ـ عند الخوف من الشرك : «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وإنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم » (رواه أحمد).
16ـ من رأى في المنام ما يزعجه : «أن يستعيذ بالله من الشيطان(1) ومن شر ما رأى ثلاث مرات(2) وينفث عن يساره ثلاث(3)، يتحول عن جنبه الذي كان عليه(4) ولا يحدث بها أحدا(5)» (مسلم).
17ـ عند الوسوسة في الصلاة : «أعوذ بالله من الشيطان الرحيم » ويتفل عن يساره » ثلاثا (مسلم).
18ـ دعاء من أصابه شك في إيمانه : « يستعيذ بالله(1) وينتهي عما شك فيه(2) ويقول آمنت بالله ورسله(3)» (مسلم) .
19ـ عند الريح : « اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها » (أبو داود).
20ـ دعاء لقاء العدو وذي السلطان «اللهم إنّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم» (أبو داود).
21ـ عند غلبة الدّين والهم والحزن : «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال» (البخاري).
22ـ عند الدخول على الزوجة ليلة الزفاف وعند شراء الدابة : «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك» (أبو دواد).
23ـ ما يعوذ به الأولاد : كان رسول الله يعوّذ الحسن والحسين « أُعيذكُما بكلمات الله التامة ومن كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة» (البخاري). الارتباط بين سورة الفلق وسورة الناس :
سورة الفلق: تتحدث عن الشرور التي يواجهها الانسان في حياته وهي ناتجة بطبيعة الحال عن وسوسة الشيطان، وهذه الشرور الأربعة هي: من شر ما خلق(1)، ومن شر غاسق إذا وقب(2)، ومن شر النفثات في العقد(3)، ومن حاسد إذا حسد(4).
سورة الناس : تتحدث عن الاستعاذة من الشيطان الموسوس للانسان
ومما يؤكد الإرتباط بين السورتين تسميتهما بأسم واحد ونزولهما في وقت واحد قال : «ألم تر آيات أنزلت علي هذه الليه لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس» (مسلم). أهمية الاستعاذة في حياة المؤمن
الإنسان ليس له إلا الله ، لإنه خالقه وما لكه وربه وإلهه ، ومن للمخلوق إلا الخالق ، ومن للمملوك إلا المالك، ومن للعبد إلا إلاهه ومولاه .
وما للإنسان من ملجأ سواه ، لأن كل ما سواه ضعيف ، والله هو القوي وكل ما سواه ذليل ، والله هو العزيز ، ولا حول ولا قوة لمن سواه إلا به وحده قال تعالى : { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } (الذاريات 50)
وطبيعة الإنسان لاتصلح إلا بالالتجاء إلى الله تعالى، فهو خلق أصلا لعبادته ، فلا يستقيم حاله ، ولا تصلح حياته ، إلا مع الاستعانة به والتوجه إليه بكل أنواع العبادة .
فاللجوء لا يكون إلا إلى الله تعالى وحده : وإلا كان الخسران والهلاك ، ولذلك يستعيذ المؤمن بالله « فاستعذ بالله ».
ولا يجوز أبداً الاستعاذة بغير الله تعالى : لأن الاستعاذة بغير الله شرك ولجوء لغير الله وهذا يدل على الولاء لغير الله والتوكل على من سواه كالاستعاذة بالسحرة والعرافين ومن يذهبون إلى الأضرحة يعتقدون في أصحابها النفع ...
مواطن لا يشرع فيها الاستعاذة
1ـ قال الإمام ابن القيم رحمه الله : « لا تشرع الاستعاذة بين يدي كلام ، غير كلام الله » انتهى . من بدء الحديث أو كلام وعظ ونحوه ، لأنه لا أصل له ، ولم ترد به السنة.
2ـ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : « لا تشرع الاستعاذة عند التثاؤب لأنه لم يرد عن النبي ، صحيح « أن التثاؤب من الشيطان » كما جاء في الحديث ولكن لم يقل النبي : إذا تثاوب أحدكم فليستعذ بالله منه . وخير الهدي هدي النبي . هل يستعيذ المصلي في كل ركعة أو يكتفي بالاستعاذة في الركعة الأولى ؟
> قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : فيه خلاف بين العلماء ، والأمر في هذا سهل . فنقول إن استعذت بالله من الشيطان الرجيم في كل ركعة « فحسن »، وإن لم تستعذ إكتفاءً بالركعة الأولى أجزأك